Popular Posts

Monday 30 December 2019

كن لإبنك طفلاً -13- الإعلام وثقافة الرعب

كن لإبنك طفلاً -13- الإعلام وثقافة الرعب


الجزء الثالث عشر، نتحدث في هذا المقال عن منهجية تربية الأطفال تربية صحيحة ابداعية، وقد سبق أن تحدثنا في مجموعة مقالات عن الإسلوب الحواري البنائي بداية من المقالة رقم 9 على النموذج الأول فبرجاء العودة لقرائته، وكذلك في المقالة رقم 10 على النموذج الثاني فبرجاء العودة لقرائته،


وكذلك في المقالة رقم 11على النموذج الثاني فبرجاء العود لقرائته


وكذلك في المقالة رقم 12على النموذج الثاني فبرجاء العود لقرائته


حيث نناقش فكرة كيف اننا نثق بأولادنا ولكننا نفهم جيداً ان عقولهم أصغر من أن تفكر بشكل مثالي ولكن شخصيتهم اقوى من أن نكسر كبريائها ولهذا فإننا نعامل عقولهم بتواضع ونعامل شخصياتهم بعزة وتفخيم.


www.nezarkamal.com-كن-لإبنك-طفلاً-تربية-الأولاد-دكتور-نزار-كمال-التنمية-البشرية-قرأن-كريم-الإعلام-وثقافة-الرعب-للأطفال-نموذج-الأفكار.jpg

تحدثنا في المقالات السابقة عن مقالتين الأولى بعنوان كن لإبنك طفلاً -1- والثاني بعنوان كن لإبنك طفلاً -2- وكن لإبنك طفلاً -3- وكن لإبنك طفلاً -4- وكن لإبنك طفلاً -5- وكن لإبنك طفلاً -6- وكن لإبنك طفلاً -7- وكن لإبنك طفلاً -8- وكن لإبنك طفلاً -9- تحدثنا فيهما عن اهمية بناء الوعي لدى عقل الطفل بداية من مولده وحتى نشأته وتحدثنا عن منهجية التفكير وكيف اننا يجب ان نستوعب اهمية بناء منهجية عقلية لبناء استراتيجيات فاعلة لتهيئته لمواجهة الحياة وقد ناقشنا قبل ذلك مقالة بعنوان القرآن ومنهجية التفكير للدكتور بسام جرار أدعوكم لمتابعة كل هذه المقالات وقرائتها مرة تلو مرة حتى نفهمها بالتفصيل.






كن لإبنك طفلاً -13- الإعلام وثقافة الرعب


تحتوي حياتنا علي مغريات كثيرة ، تنطلق منها بالحب أو بالغدر سهام قد تصيب أو بفضل من الله قد تخيب فهكذا تتداعي الذكريات وأنت تقف علي جبل الأمنيات ، وأنت تنظر إلي قمم شواهق من نجاح وانتصارات كانت دوماً وأبداً نموذجاً وفخراً لكل المسلمين . www.nezarkamal.com-كن-لإبنك-طفلاً-تربية-الأولاد-دكتور-نزار-كمال-التنمية-البشرية-قرأن-كريم-الإعلام-وثقافة-الرعب-للأطفال-نموذج-الأفكار.jpgفإن نجاح المسلمين في السابق كان بمعزل عن كل عدوان ، فقد كان الصراع شريفاً ، نعم صراع الحرب كان شريفاً فأنت تحمل سلاحك وأنا أحمل سلاحي ونري من منا ينتصر بكل أدب جم وبكل كرامة وشموخ وهذا هو أدب الحروب .


أما الآن ونحن في عالم تسلط فيه غير الشرفاء فمن الطبيعي أن تُستعمل أساليب الضعفاء والتي تعتمد علي كسر الجمود وإدارة الشعوب بسيطرة داخلية وروابط عقلية مخيفة .


ولنستعرض معاً هذه الفكرة . 


  تنقسم الظواهر النفسية عند علماء النفس إلي ثلاثة أركان رئيسية ، وهذه الثلاثة هي كل مكون لأي خبرات نفسية تؤثر علي تصرفاتك المستقبلية أو علي حياتك المهنية .   


هذه الأركان هي ( الأفكار ، المشاعر ، السلوك ) وتوضع هذه الثلاثة في نموذج يسمي النموذج الثلاثي ( نموذج مرسيدس ) كالأتي : 


                        www.nezarkamal.com   كن لإبنك طفلاً - تربية الأولاد- دكتور نزار كمال -  التنمية البشرية قرأن كريم 3سس نموذج مرسيدس الأفكار والمشاعر والسلوك        


حيث أن علماء النفس يقولون إن بداية أي ظاهرة نفسية يكون أحد  هذه   الأقسام الثلاثة ثم يتحرك الترتيب حتى تكتمل الدائرة فإذا بدأت الظاهرة النفسية في التكوين من منطلق السلوك ثم تحولت إلي المشاعر فمن الطبيعي توليد فكرة معينة ولنأخذ مثلاً .                                                            


طفل صغير رأي شمعة مضيئة فاقترب منها ثم وضع يده علي لهيب الشمعة فمن الطبيعي أن تحرق يده ويتألم هذا الطفل ثم ستجد أن الأمر أصبح عند هذا الطفل مُعتقد داخلي يفيد الألم عند رؤية اللهب، و في هذا المثال فإن تحرك الطفل المعبر عن السلوك في النموذج الثلاثي ( نموذج مرسيدس ) قد أعقبه ألم متمثل في المشاعر ولذلك فإن الجزء الثالث من النموذج الثلاثي يعبر أفكار ومعتقدات راسخة أي أن تحرك الطفل كان في المثال السابق كالأتي ( سلوك ، مشاعر ، أفكار ) .www.nezarkamal.com-كن-لإبنك-طفلاً-تربية-الأولاد-دكتور-نزار-كمال-التنمية-البشرية-قرأن-كريم-الإعلام-وثقافة-الرعب-للأطفال-نموذج-الأفكار.jpg


ما نلاحظه في الفترة الحالية أن الإعلام ينتهج هذا الأسلوب فهو مدرك تماماً أن نقطة الضعف في هذا النموذج هي المشاعرـ خصوصاً عند الشعب العربي و بالتحديد المصري ـ وأن النقطة المحركة هي الأفكار وأن السلوك ُيكذب  ذلك أو يصدقه فإذا بلغت المشاعر درجة من القوة بحيث أثارت العواطف الجياشة وأيقظت الأفكار النائمة وهذا ما يستشعره الأطفال و الكبار وبالطبع فإن  مشاعر  الألم أكثر إثارة من مشاعر الفرحة لأن العقل ككل متمثلاُ في العقل الباطن يحتفظ بالخبرات والمشاعرو الأحاسيس المؤلمة لا بتفصيلاتها أو شرحها ولكن يهتم بألمها فقط فتصير كل الخبرات الفاشلة السابقة مؤلمة و كأن الألم عند الإنسان له إناء واحد تُشحن فيه كل الخبرات المؤلمة ، بينما مشاعر الفرح فإنها مشاعر خاصة و من الصعب أن ترسخها أو تعمقها أو تنشرها علي خبرات النجاح الكثيرة . 


لهاذا فإن الأعلام المُغرض وبمعرفته لتأثيرذلك النموذج على منهج المجتمعات ورغم أن اهتمام الإعلام الشديد بتخصصه في التركيزعلى إثارة مشاعر الألم والرعب بحيث يرتبط أي صراع بالألم وأي جهاد بالقتل وأي دفاع مشروع عن وطن لا مفر من إرتباطه بالدم ، فإن تعمق الأفكار المعبرة عن الألم مع كل خطوات التحرير هو ما يُختزل داخل عقول أطفالنا وبالطبع عقولنا نحن أيضاً www.nezarkamal.com-كن-لإبنك-طفلاً-تربية-الأولاد-دكتور-نزار-كمال-التنمية-البشرية-قرأن-كريم-الإعلام-وثقافة-الرعب-للأطفال-نموذج-الأفكار.jpgولذلك فإن تنافس القنوات الفضائية في إثارة مشاعرالعنف و تهيئة النفوس للرعب والألم هو ما يثير داخل أطفالنا السلوك السلبي وفي معظم الأحيان السلوك العدواني ، علي اختلاف في طبيعة الطفل نفسه ومستوي تربيته ودرجة ثقافة بيئته.


حيث إن الإعلام بالنسبة للطفل ما هو إلا كمثال الشمعة إن أحترقت يده منها مرة فإنه سيخاف منها مدة طويلة من عمره .


 فهو إما سيتجنب الشمع فترة ليست بالقصيرة من عمره وإما أنه سيتحول لطفل عدواني ينتقم ممن حوله ليس بسبب الشمعة ولكن بسبب ألم الشمعة المكبوت في إناء بلغ منتهاه من مشاعر رعب و عنف و يأس و إحباط تنقلها لنا وسائل الإعلام  داخل نفسه . وهكذا الحال مع الإعلام المرعب من صور قتل وقصف أو دم وهدم فإن الطفل إما أن ينزوي خوفاً علي حياته و روحه ونفسه فيتربى علي السلبية والانطواء وحب الذات وإما أن تتفجر داخله ينابيع الألم التي لا يعرف مصدرها ومن ثم يبدأ فيثور و يستشعر بأنه مقهور مظلوم فينتقم ممن حوله فيصير عدوانياً .


من الآباء من يسأل وكيف الخلاص!! والإعلام في كل مكان ولا سبيل للهروب منه ؟


وهذا سؤال يستحق البحث والدراسة فإن الآباء المهتمين بتربية أولادهم حريصون على رعايتهم وليس كل الآباء كذلك 


www.nezarkamal.com-كن-لإبنك-طفلاً-تربية-الأولاد-دكتور-نزار-كمال-التنمية-البشرية-قرأن-كريم-الإعلام-وثقافة-الرعب-للأطفال-نموذج-الأفكار.jpg

نحن نعلم أن المشكلة تكمن في تعديل السلوك من العدوانية إلى التعاونية و من السلبية إلى الإيجابية ، أليس كذلك ؟


فإن كان السلوك سلبياً نريده إيجابياً ونريد الطفل اجتماعياً ومؤثراً ودوداً عطوفاً ، وإن كان السلوك عدوانياً نريده لطيفاً هيناً ليناً مُحباً ونريده  مُصلحاً وليس مفسداً . وهذا التغيير يتمحور في عدة طرق أذكر منها ثلاث أساليب مهمة هي :-


www.nezarkamal.com-كن-لإبنك-طفلاً-تربية-الأولاد-دكتور-نزار-كمال-التنمية-البشرية-قرأن-كريم-الإعلام-وثقافة-الرعب-للأطفال-نموذج-الأفكار.jpg 


الأسلوب الأول :-


الحرص علي تعديل البرمجة الإعلامية من برمجة سلبية موجودة في الوسائط الإعلامية إلي برمجة إيجابية منزلية أثناء عرض المناظر المرعبة .


ولكن كيف ذلك ؟


من الصعب أن ننعزل نحن وأطفالنا عن الإعلام وعن سلبياته فإن الوسائل الإعلانية تحيط بنا في كل مكان ، وإذا تركنا أطفالنا نهباً لصراعات القنوات الإعلامية لسقطوا سريعاً .


والأفضل لنا أن نستغل هذا الإعلام لمصلحتنا كأن نتعمد أن نكون بجوار أطفالنا عند استعراض أحد هذه المشاهد الدموية ، ونقوم بإحتضانه جيداً لنشعره بالأمن ثم نخبره بصوتنا و نشحنه بكل الأفكار الإيجابية البنائة التي نريد أن نغرسها في نفوس أبنائنا كأن نفرق لهم بين لفظي " القتل والشهادة " وأن الشهيد له الجنة ثم نذكر لهم


 قول الله عز وجل " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون " آل عمران 169


فنحن هنا نقوم بغرس أفكار جديدة إيجابية مع نفس المشاهد السلبية والتي نعتقد أنه بإذن الله سيتولد عنها أسلوب جيد و رائع و هو ما سيوفر له دافع إيماني قوي يؤثر في حياته المستقبلية بإذن الله بما يسمح له بأن يعرف أن كل موقف في ظاهره أنه سلبي  قد يكون له إيجابيات كثيرة و هذا مما سوف يساعده بإذن الله في حياته  .


www.nezarkamal.com-كن-لإبنك-طفلاً-تربية-الأولاد-دكتور-نزار-كمال-التنمية-البشرية-قرأن-كريم-الإعلام-وثقافة-الرعب-للأطفال-نموذج-الأفكار.jpg 


الأسلوب الثاني :-


بواسطة الحوار الصحي الأسري البناء فنحاول ملاحظة المخاوف عند أطفالنا ونقوم بالنقاش الهادىء معهم ونحاول استشعار مفاهيم الألم عندهم ثم نستدرك الأفكار التي ترسخت في الماضي ونحاول تغييرها بأخرى جديدة ، كأن نسير في البرمجة على نموذج مرسيدس السابق فنهتم بالترتيب الأتي ( المشاعر ، الأفكار ، السلوك ) بأن نهتم بالتعرف على المشاعر المؤلمة و نحاول أن نقوم بتغيير الأفكار المولدة لتلك المشاعر وهو ما سيؤدي إلى تعديل السلوك السلبي أو العدواني بإذن الله .


هذا الأسلوب يعتمد علي احتراف الوالدين في التربية وعادة ما تنجح فيه الأم أكثر من الأب لأنها تكون أكثر صلة وقرباً من أبنائها . ولا ينزعج الآباء عندما يطول العلاج بهذا الأسلوب فإنك إنما تحاول إفراغ حصيلة سنوات من الشحن السلبي للإعلام فلابد أن تأخذ فترة أطول قليلاً من الإسلوب الأول ، و بإذن الله سيكون نجاح أطفالنا في الحياة العملية هو المكافأه التي نستحقها جزاء تعبنا معهم في التربية و التعليم ، فأبناءنا يستحقون منا ما هو أكثر من ذلك ، أليس كذلك ؟ .


www.nezarkamal.com-كن-لإبنك-طفلاً-تربية-الأولاد-دكتور-نزار-كمال-التنمية-البشرية-قرأن-كريم-الإعلام-وثقافة-الرعب-للأطفال-نموذج-الأفكار.jpg 


الأسلوب الثالث :-


ويكون بإعتماد أسلوب التحصين المستقبلي بتكوين مناعات مستقبلية للثقافة الإعلامية السلبية ، أي محادثة الطفل وإفتراض فروض مستقبلية ثم مناقشة رأيه فيها بشكل موضوعي إيجابي . ويعتمد هذا الأسلوب علي حِرفيه الآباء في إستقراء الواقع وتميزهم في إسلوب إداراتهم للحوار مع أطفالهم بشكل مغري وجذاب .


كأن تفترض مثلاً أنك قد إستطعت الحصول مع ابنك علي جائزة عبارة عن رحلة لمدة أسبوع إلي القدس مثلاً فما الذي يتوقعه طفلك ؟


وبالحوار الإيجابي سوف تستطيع أيها الأب أو أيتها الأم أن تغرس في إبنك كل ما تريده من أفكار عن الصراع العربي الإسرائيلي مثلاً و موقف الشهداء وبذلك كأنكم تمنحوا إبنكم أهم هدية ، وهي منهجية التفكير السليم وإسلوب تحليل للأحداث و بالشكل الأمثل . وهو ما يعتبر بالنسبة إليه حصناً مستقبلياً يقيه ويحميه بإذن من الله تعالي .


وفي نهاية حديثي أود أن أشير أن الأمر ليس بالهين أن نفهم أولادنا فلذات أكبادنا،وحرصنا عليهم هو ما يدفعنا لأن نحترف أساليب الحفاظ عليهم والتميز في تربيتهم .


حتى يهبنا الله وإياهم جنة الخلد مع الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم .


هذا وفي النهاية أدعوا الله أن يحفظ أبنائنا,وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا سبحانه بما علمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه  ، و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .  

No comments:

Post a Comment